التصنيفات
رسائل إلى نفسي

تجارب

6845819747_f66d981ee5_o

7/8/2011م

المملكة (البهو).. الساعة 8:15 مساءً

من قال أن التجارب فريدة؟ من منا مر بتجربة لم يمر بها غيره؟ قد نمر بتجربة نادرة، ولكن قطعاً لن تكون الوحيدة، المكان يذكرني بأمور أخرى ولكنه ميت مقارنة بالآخرين، عدة معطيات تتحكم في الشكل النهائي، رائحة القهوة التي تصلني تسبب لي الصداع، ليست احترافية بدرجة كافية، الوقت، الموسم، الحركة، والكلمات التي تصلني من هنا وهناك بأكثر من لغة، النظرات التي تبحث عما تريد من حولي، هل سيكون هذا الشخص أم ذاك؟ أتوقع السؤال يمر بعدة أشخاص ممن مروا علي.

سألوني ذات يوم كيف تحلل الشخصيات؟ قلت التجارب. التجارب تعلمني، وهي كذلك متكررة فالمواقف ستعطي إشارة لمن سيتعامل معها، الأسقف المرتفعة تشرح الصدر ورائحة الدخان الرخيص من جاري تفسد الأمور. غيرت مكاني على أمل أن تستقر الأوضاع، ولكن الشعور بعدم التجانس في كل شي حولي يزيد من تذمري وقلقي.

شعور بعدم الراحة يحتويني، وقطرات عرق تتسبب في زيادة الضيق، لاأحب الروائح الكريهة ولا الأذواق المزعجة، الكل حر في تصرفاته ولكن سأضطر أن أغمض عيني لكي لا أرى تشكيلة الملابس من حولي، وسأضطر أن أسد أذني لحجب صوت الموسيقى النشاز، وأصوات المارة الأكثر نشازاً. كيف لايراعون الذوق العام في مكان عام!!

لايوجد تجربة فريدة، ولكن التجارب اللاحقة قد تكون مزيجاً من تجارب عدة فنتوهم أنها جديدة، المكان تكرر مع اختلاف الديكور والاضاءة، فندق هنا وفندق هناك، وبشر في كل مكان، وروائح الليل العطرة يقابلها روائح المجاري المتعفنة.

لي ذوق قد لايلائم الكثير، في السفر أعيش في عالمي الخاص بي، المطارات والفنادق، وسائقي التاكسي اللذين سيقدمون لك نشرة تفصيلية عن المكان من وجهة نظرهم، الغلاء وصعوبة المعيشة، وكثرة الأولاد ومتطلبات الحياة، لم ألاحظ حديثهم عن مشاكل تربية الأبناء!! هل يعني هذا انعدام مشاكلهم؟ أم زيادة مشاكلنا؟ لايهم فالأمور تتشابه في النهاية فالدراسة والعطالة ومشاكل المراهقين والزواج هموم عالمية.

الفندق الهادئ الخافت الاضاءة مفضل عندي. أذهب لغرفة صغيرة نظيفة الملاءات باردة التكييف، لاأحب الكثير من العطور، أبحث عن مكان “بالأبيض والأسود”، الديكور والرائحة مثل الألوان، سأضع ألواني بنفسي.. الطبيعة أفضل رائحة، الشمس الحارقة والرطوبة تزعجني ولكنها ستكون ملائمة لبقية المعطيات من حولي.

رجل سمين مرّ من أمامي، عرب وغيرهم يمرون، كافة المقاسات والألوان واللهجات، سائح يطلب صورة، أتأمل في وجهه، ليس من نمطي، قد يعمل تحت إدارتي، قد يكملني، ولكنه مدرسة أخرى غير مدرستي. ابتسامته توحي لي بذلك، أنا دائم الابتسام، وسأعترف أنني لاأهتم لكثير مما يجري حولي، اهتماماتي صامتة، أحول حروفي لقطع أنحتها، تتلائم لتعطي عملاً، شكلاً، لو نحتها تمثالاً سيكون أخرساً، ولكنه سيحمل مطرقة يقرع بها روؤس المتكلمين. انتهت فقرة السائح وبقيت في فقرات الانتظار.

تعلمت في السفر ألا أشتري ملابساً كثيرةً، سأجد كل ما أريد في المكان الذي سأذهب إليه، فقط لو كانت زيارتي قصيرة يمكن أن أخذ معي ماأحتاجه، في فترات السفر في حياتي لم أعرف معنى السفر القصير، كنت أشتري وأشتري وأشتري معلناً عدد سنوات رحلتي من خلال زيارتي للسوق.

ينتظر البعض أوراقاً ليوقعها مع “الخواجه” بجواري، وأنتظر رحلة تأخذني بعيداً لمكان غير مأهول، سيبريا، منغوليا، يد طبيعة قاسية تضمني بين صخورها وتبعدني عن العالم.

لم أعد أتخيل الشمس والقمر بلا وجوه، وجوه من سأراهم في الصباح والمساء ستظهر بمجرد رؤية دلالة على الوقت، وتحمل الذكرى كافة مشاعر التجارب السابقة. بين اغتراب واغتراب غربة أشد قسوة أو استقراراً وثباتاً، يحدد موقفك محيطك من حولك، وقليلاً مانشعر بالاستقرار في زمن الغرباء. التجربة هي الموقف الذي نراه ونمر به، ربما نملك التعبير عنه، وربما يعبر عنه غيرنا ممن عاشه، ولكن التمثيل في صياغة الحروف عند البعض لن يحمل معنى التجربة، فقط من عاش تجربة سيبث الروح حين تدوينها.

(الصورة بعدسة: عبدالله الشثري)

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.