ربما يكون من الغريب أن أخفي منطقيتي خلف أقنعة من العاطفة واللباقة..
اللباقة تقتضي تفهم المواقف ومجارات المحيط وهو أمر يصعب علي في بعض الأوقات..
لذلك أقلص حجم التعاملات في بعض الأمور..
واصطدم في بعضها..
وأحصد نجاحاتي واخفاقاتي من هذا وذاك..
15/9/2011م
شقة جاري (الصالة).. الساعة 12:30 مساءً
يسألونني عنك يا مهند.. من تكون؟..
قلت لهم رفيق درب.. غريب مثلي.. يشعر بنبضي وتمتد عروقه في جسدي.. جمعنا المبدأ.. الغربة.. الحزن.. الشوق.. الحب.. حر من الأحرار.. أصمتته الأيام، وليس أول من صمت.. دار بيني وبينه حوار ولم يسجل ولم تحفظ منه نسخة.. والا كنتم ستقرؤؤن الألم وتسمعون صراخ الشوق في الحروف الصامتة..
صديقي المصور الفرنسي عالم من الظلال..
يحملني في لقطاته إلى الأرصفة والشوارع المظلمة المليئة بالهائمين..
معه أعيش في المدن بلا ألوان..
أراقب الملامح وأقرأ المشاعر..
هناك لارتوش ولا أقنعة..
تظهر الوجوه بصورتها الأصلية ممتلئة بتعبها وهمومها وقسوتها وصدقها..
فاجأني بعمق اللقطات..
توقعته مصوراً مراهقاً بكاميرته ولكنني قرأت قصص المجتمع وطبقاته وتشرده في صوره..
هذا رجل يحمل قيمة ويرسلها للآخرين من خلال صورة..
تعجبت كذلك من تجمع اللقطات أمامه..
وكأنه يحمل كاميرا في عينه جاهزة ليلتقط اللحظة..
لحظات ناطقة برغم جمودها وظلالها..
الأمر معه ليس صورة ليملأ بها ذاكرة كاميرا..
إنه رحال صامت في عالم ممزق مترابط من حوله..
يسير الكل فيه بلا لقاء..
بلا امتدادات ولا ارتباطات..
تكاد تشعر بشفافيتهم وبيدك تخترق صدورهم لتلامس ماخلفهم..
ايه يا صديقي..
رحلت معك كثيراً هذا المساء..
(الصورة بعدسة: Fer Montero)
كتاب آت by Abdullah Ali is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.
Permissions beyond the scope of this license may be available at www.aalsaad.com
20/8/2011م
منزل أمي (الغرفة الصغيرة).. الساعة 5:20 فجراً
صباح الخير.. مساء الخير.. لافرق، فالأوقات تتشابه.. صولات النهار يقابلها جولات الليل، بين العمل والعمل تدور عجلة حياتنا، تستهلك دون أن نشعر وفجأة تنكسر فنقع، في قيامنا وسقوطنا ودوران العجلة نمر بالعديد لنلقي عليهم التحية، سواء شعرنا بذلك أم لا، استشعرناه أم لا.