التصنيفات
رسائل إلى نفسي

رسالة إلى مهند..

15/9/2011م

شقة جاري (الصالة).. الساعة 12:30 مساءً

يسألونني عنك يا مهند.. من تكون؟..

قلت لهم رفيق درب.. غريب مثلي.. يشعر بنبضي وتمتد عروقه في جسدي.. جمعنا المبدأ.. الغربة.. الحزن.. الشوق.. الحب.. حر من الأحرار.. أصمتته الأيام، وليس أول من صمت.. دار بيني وبينه حوار ولم يسجل ولم تحفظ منه نسخة.. والا كنتم ستقرؤؤن الألم وتسمعون صراخ الشوق في الحروف الصامتة..

من لي بمثل مهند؟ يقرأ في صمتي تفاصيل الرواية.. ويضم بقايا ثيابي المضمخة بعبير الشهداء وعبير القذائف.. نترافق فوق سيارات الدفع الرباعي في جبال لم يثبت فيها سوى الرجال.. كل الحياة تختزل معهم.. لم يبق منها سوى حقيبة خضراء وثلاث علب تونة وأربعة شواجير ودفتر وقلم..

جسدي مقيد بالأرض.. لكن روحي تجري تصرخ.. تتعلق بالقوافل المغادرة إلى السماء.. تتجمد الدموع في عيوني من برد القلوب.. وتحترق الأرض من تحتي من ألم المجاهدة.. أتعثر وأقف وقد تمزقت ملابسي وتمزق كفي وأمسح دمعي بيد مختلطة بالدماء والتراب.. وأعود إليه لأقرا في حروفه أخبار الرحلة.. وأودع الراحلين..

وعدت إليك ثانية.. هنا أبكي.. فهل تقرأ وهل تبصر شريط الحب في دمعي؟ هنا أشتاق ألقاكم.. فتحملني وتتركني وأجري في طريق الحب ثانية.. هنا جاجي، سراييفو، ومأسدة رأيناها.. هنا أطوي بصمت سر من أهوى.. أعود إليك ثانية.. أقبل مخزناً بارد.. أضم لصدري الرشاش.. هنا أبكي.. هنا أبكي..

(الصورة بعدسة: عبدالله الشثري)