التصنيفات
رؤى

الإنسان الهندسي

للرياضيات دور في حياتنا، ليست كلمة عابرة فحسب، بل حقيقة علمية، فنظرة واحدة متأملة للكون من حولنا سترينا الأشكال الهندسية والأرقام في عالمنا، سنعرف من خلال التأمل في المساحات والأبعاد أننا نبحر في محيط رقمي، سرعة الضوء والصوت، المرتفعات والأنهار، اتجاه الرياح والمسافات والألعاب الرياضية والنمو والانحذار وكل حركة وسكنة. لكن بالتأمل سنجد صوراً أخرى من الآثار النفسية والتربوية والإدارية تعلمنا إياها الرياضيات.

فالمتخصص الذي تركزت خبرته في تخصصه يشبه المثلث إلى حد كبير، قوي القاعدة كقوة تأصيله العلمي وخبرته الممتدة أفقياً على مدى سنوات، في جهات متعددة وفي ذات الإدارة، أقرب مايكون له المهندس والطبيب، لكنه حاد الرأس كدقة تخصصه، مالم يكن له مصدر معرفي آخر من قراءة أو ممارسة فيخشى أن يرى العالم من منظوره، وتضيق نظرته عن رؤية الإبداع في تخصصات أخرى، هذا النمط في الغالب قوي معتد بنفسه، محدود الخيارات، محدود الارتباطات، منظم ودقيق في الغالب، أكثر ثباتاً من الدائرة، وأسهل في حركته من المربع، ويديرون المشاريع باحترافية.

الشخصية المربع مختلفة وتفاجأنا بمدى تكاملها واتزانها، بين منهجيات علمية متعددة التخصصات والتشعبات وحركية متعددة الأنشطة والممارسات، لكنه بطيئ الحركة، يعمل على نفسه لزمن طويل وتصعب حركته وانتقالاته بالتالي، يحتاج إلى الاستقرار ليتقن مايقوم به وليستكمل المعطيات، مكانه في القاعدة، يمكن أن يؤدي مع مربعات أخرى عملاً رائعاً ويكونون فريقاً متكاملاً، يصلحون كضباط في قطاعات عسكرية ذوي خبرة تقليدية ممتدة زمنياً، أسهل في زواياه لانفراجها، لكنه حازم ويمكن التعرف عليه بسهولة أكثر من المثلث، ويمكنه تقديم الاستشارات والعمل على تأسيس الأعمال.

صديقنا التالي يشبه المربع، لكنه يغلب جانباً على جانب، بين مهنية متنوعة تستفيد من الجانب المعرفي الممتد في القاعدة، ومعرفية محدودة ولكنها كافية لما يحتاج إليه في مرحلته التي يعمل عليها، لاينكر المعرفة ولكنه لايهتم بالموسوعية، يكفيه من المعرفة مايحتاجه لإدارة المشروع، ويغلب بالتالي جانباً على جانب.

يتكامل مع المربع ويبدوا أقرب مايكون لصديق العائلة، في الصف الثاني قد تستخدم مجموعة منهم لتقليل التكاليف فهم مدراء وسط رائعين.

وبرغم جمال الأشكال السابقة فلابد من وجود دائرة بلا زوايا، تعمل كقائد ضمن الصفوف وتقود الفريق من الداخل نحو الأهداف، فالدائرة سهلة الحركة وتتكامل في الأداء مع البقية، يمكنها أن تتدحرج متى ماصطدمت بها زاوية شكل آخر لتجد مساراً آخر تهيئه لبقية المنظومة ليخطوا طريقهم من خلاله، سلسلة سهلة في حركتها، وبرغم غضب الأشكال الهندسية منها وعدم رضاهم عن سياستها المرنة إلا أنها تفرض مكاناً خاصاً لها، وتعمل كرأس في الغالب، مشكلة الدائرة أنها تضيع الكثير من المساحات في محاولات السيطرة على الزوايا، وسياسة الإرضاء للفريق لن تجدي في كل وقت، ولذلك تترك مايمكن أن يستغل في محاولاته لكسب الجميع، القيادة الداخلية مؤثرة وقريبة كالدائرة، ولكن لابد من أن تهيأ بطريقة صحيحة لتكون إدارة نظامية في وقت الحاجة، ولقربها من الفريق فقد تقوم بعدة مهام وتبدل بينها، عكس بقية الأشكال التي يصعب حركته أو تغير وضعها أو اتجاهها.

لاتحاول أن تكون غيرك، فستخسر الكثير، كن نفسك فقط، وستضيف شكلاً هندسياً تحتاجه المنشأة، من قاعدة قوية كالمربع تبني العمل وتؤسس استراتيجياته، أو صفوفاً وسطى كالمستطيل تدير الأهداف المرحلية، أو مشرفين يقسمون العمل ويوجهونه كالمثلث، أو دائرة تقود الفريق وتقف معه شاقة الصفوف دون قيود الزوايا.

(الصورة بعدسة: ريان المنصور)

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

3 تعليقات على “الإنسان الهندسي”

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.