التصنيفات
رؤى

البعد النفسي في التخصص الهندسي

7000433419_f5eec31d7e_b

في البشر كما في الهندسة.. أنماط ومواصفات.. لايشترط التطابق، ولكن يمكن أن نكون نموذجاً هندسياً بصورة من الصور.. لنتعرف على المواصفات:

المهندس الميكانيكي: تماماً كآلته، كخط الانتاج، يقف المهندس الميكانيكي متزناً ثابت الايقاع، منظم وجاف ومادي يتعامل مع معطيات واضحة، مواصفات دقيقة يمكن قياسها بسهولة وتمييز الخلل فيها، وأدائه عمليات يمكن قياسها ولذلك نراه ثابت الأداء. في قاموسه هناك دائماً نسبة مقبولة من الخسارة، ولذلك يمكن أن يحتمل الخسارة مالم تتجاوز النسبة المحددة.

يمكن تتبع مساراته ومعرفة بداية الخلل، ولايوجد لديه مكان لأنصاف الحلول، فهو يوقف خط الانتاج مباشرة حين يكون فيه خلل، ولايمكن أن يعود الخط للعمل مالم تنتهِ المشكلة التي يقف أمامها، العائد من الانتاج المتعثر مرفوض عنده، لأنه يعلم أنه على المدى البعيد ستكون النتيجة النهائية “خسارة”.

المهندس الكيميائي: نعيش هنا مع شخص يجمع القيم الثابتة من خلال الأوزان لعناصره، والقيم التخيلة من خلال تمازج العناصر والخروج بمكونات جديدة في كل مرة. بشكل عام يميل الكميائي إلى الخيال، لكنه أكثر استقراراً لوجود ثوابت يتعامل معها، بمعنى أنه كشخصية إنسانية يميل إلى تكوين قيم يتبناها ويتعامل من خلالها، مستقر في تواصله مع من حوله، ثابت الارتباطات ويميل للتواصل مع المحيطين به، ولضمان أقصى فائدة منه يجب دمجه في محيط متناسق ملائم، وقتها سيعطي الكثير وهو في سعادة، لايهم أن يكون تابعاً أو متبوعاً فهو عنصر فعّال إذا وجد المزيج الملائم، مثاليته تأتي من طلب للدقة في المكونات، تعوده على وزن المعادلات يكسره في بعض الأحيان حين يتعامل مع محيط متردد غير مستقر سريع الحركة، لايشعر بالأمان وقد ينهار وقتها، لاتحاول أن تتبع العناصر منفردة، فلن تكون مركبات ذات قيمة جديدة، وكذلك الكميائي يمكنك قياس نتائجه في الشكل النهائي، ولكن تتبع العناصر مستقلة سيرجعك إلى نقطة تشعر فيها بعدم التقدم، فتتعب ويتعب معك بقية الفريق.

المهندس الكهربائي: نقف الآن مع رجل يراقب الفراغ ويراه مليئاً بالطاقة، حين تقف معه سيجعلك ترى كل شيء وأنت مغمض عينيك، لاتحاول أن تفتحها فلن ترَ شيئاً مما قاله يدور حولك، الشخص شديد التخيل، يبني مشاريعه على رؤية مالايراه الكثيرون ممن حوله، قد يخطئ في بعض الأوقات ولكن لو ركز قليلاً فسيكون عمله جميلاً، لايمكن أن يقوم لوحده، يحتاج بعض العون، وبعيداً عن الميكانيكي سيجد عالماً من الانطلاق، يكبحه الواقعي قليلاً، الكهربائي لاذع كالتيار يفاجئك بصعقاته التي تنبهك إلى خطره الصامت، حاد القرارات ومغامر من الدرجة الأولى، لن يتهم نفسه لو سقط، بل سيقول قدمت لهم فرصاً كثيرة ولم يرها أحد، يعمل بهدوء وسلاسة لفترات قد تطول، ولكنه ينتقل فجأة وبدون مقدمات ليبدأ حياة جديدة بنفس الوتيرة السابقة.

المهندس المعماري: هذا الرجل يندر أن يكون رجل أعمال، لكنه موظف منجز، يمكنك بسهولة أن تقيس أدائه، مشاريع تسلم في وقت لتستلمها في الموعد المحدد، تخيلي كذلك، ولكنه يتخيل المحسوس بعكس الكهربائي، وهذا يعطيه ميزة أن ترى أفكاره على أرض الواقع بسهولة ودون الشعور بالمخاطرة، منظم ودقيق الملامح، أوقاته، ملابسه، عاداته ترسم بقلم حاد دون أن تترك أتساخاً هنا أو هناك، تماماً كخرائطه التي يبسطها أمامه ليبدأ رسم مشروع جديد، ومهما تخيل فعمله كله لايخرجه عن طبيعته الأصليه، فهو يعيش بقناعة راضياً بمداخيله الشهرية الثابتة، دون تذمر مفسد للعمل، المعماري يعرف مهاراته جيداً، وكلما طوّر منها زاد تميزه، الإطلاع ومتابعة ماحوله ستساعده، وتخصيص أوقات للاستزادة من المعلومات وتحسين الأداء سينفعه في عمله بلا شك.

مهندس الحاسب: الشخص الذي يمشي في الجامعة مع عدد محدود من الزملاء، يجمعهم عالم واحد من الرمزية والهوايات والاختيارات سيكون صديقنا بلا شك هذه المرة، محب للخصوصية ومعتمد بشكل كبير على التشفير، الرموز “الأكواد” أهم معلم في حياته، ليس من النوع الذي تحمله الأمواج، غير مقلد، ولكنه مختلف في الاختيارات، ليس للمخالفة فقط، ولكن لوضوح معاييره وأهدافه، الأمور عنده تشبه معادلة أقل خطأ فيها سيغير النتيجة، لن يكون لديك منتجاً مختلفاً قليلاً في مواصفاته كالكيميائي، ولكن لن ينجح المشروع من أساسه لو أخطأ في نقطة أو فاصلة، ولذلك تجده دقيقاً، مبرمجاً لوقته ومناسباته، يتعامل مع موردين شبه ثابتين، ولا تحاول أن تكذب عليه فلو انتبه لك مرة فقد تخسره للأبد.

هندسة الأجهزة والالكترونيات: الأمور في التخصصات التقنية متشابه كثيراً، جداول المواصفات تحكم كل شي، هنا شخصية مفكِكة من الدرجة الأولى، ولكنها ليست محلِلة كالكهربائي، بمعنى أنه يرى ظاهر الأجهزة فيفككها إلى قطعها الأولية، يعيد تركيبها ليحصل على جهاز آخر، ولا يهتم أو لايتصور جوانب المشاعر كثيراً، الأمور لديه سهلة، قطعة هنا وقطعة هنا، دقيق ومهتم بالتفاصيل، ومهما وجد من أجهزة حوله فلن يغريه شيء فهو يعرف مايريد بالضبط.

مهندس البترول: سريع الحركة، بسيط الهندام، مبعثر التفاصيل، أشعث الشعر، هذه الصورة الافتراضية لمهندس البترول، رجل كل تركيزه على المهمة التي بين يديه، لاينشغل بالتفاصيل من حوله، يتكامل مع فريق الخدمات المسانده كما يتكامل مع مقدمي الخدمة من حوله في حياته الشخصية، الحذاء الطبي الآمن، والملابس الدكنة هي اختياره الأول، وكذلك في حياته الشخصية لايحب تغيير عاداته ولا الماركات التي يتعامل معها، لايهتم بالتفاصيل كثيراً، المهم أن يصل للأعماق حين ينتظره النفط، مثلما يحرص على الصورة النهائية للمهمة التي بين يديه حين يكون في جامعته أو بيته أو مجتمعه.

المهندس المدني: خليط بين الناحية المدنية والمهنية، مهندس أم مشرف أم عامل، قد لاتميزه كثيراً، يتحرك بخرائط وفواتير وقطعة خبز أو بسكويتة يقتسمها مع عامل في الموقع. يتقن شيئاً في كل شيء في محيطه، تفرض هذه المنهجية ضرورة العمل، ولكنه صلب كأعمدة الخرسانة التي يصبها في قواعد المنشآت والجسور. اختياراته جافة كطبيعة الشمس والأرض الوعرة التي يتعامل معها ليسويها، يواجه الصعوبات بابتسامته وهندامه المغبر وكفه الخشن من تأثيرات الأدوات التي يستعملها.

 

(الصورة بعدسة: عبدالله الشثري)

 

Creative Commons License
كتاب آت by Abdullah Ali is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.
Permissions beyond the scope of this license may be available at www.aalsaad.com

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.