التصنيفات
رسائل إلى نفسي

أنا وهتلر

IMG_0911

24/7/2011م

المنزل (غرفة النوم).. الساعة 2:30 ظهراً

لازالت نسختي الخاصة بخطوطها الملونة تشي بعلاقتي بكتاب كفاحي، حجم التجربة الإنسانية والإعلامية تعلمني الكثير. حين قرأت الكتاب أول مرة كان محاولة مني لإنصاف الرجل والتعرف على حقيقة مايدار حوله، وفي المرة الثانية أردت الرجوع لبعض كلماته وتصوراته وتحليلاته للأوضاع، والأوضاع تتشابه كثيراً في عصره وعصرنا وفي كل العصور، المعطيات تتكرر ومشكلة أن نتعامل معها كأنها أحداث جديدة لم تمر من قبل ولايوجد تجربة سجلتها. والمرة الثالثة عدت للكتاب أبحث عن الإدارة، والمرة الرابعة كان التعمق في التخصص (التسويق) هو الدافع، والخامسة والسادسة وفي كل مرة أعود لأتعلم منه الكثير.

مما تعلمته من هتلر تقدير الخصوم ولو خالفوني في التوجه، ولو كان الفرق بيني وبينهم منهجي، إلا أن هناك آدباً في الحب والحرب.. كتبت هذا سابقاً، قلت وقتها مانصه (نُعِيبُ البعض، (من نرى أنهم أعداؤنا).. ونصفهم بالجنون.. بالجبن.. بالغباء.. بالضعف.. هذه مشكلة كبيرة، فنحن لازلنا نقاومهم ولم نتغلب عليهم بعد.. هل يعني ذلك أننا أكثر جنوناً.. وجبناً.. وغباءً.. وضعفاً منهم؟!!).

فلا فخر في معادات ضعيف جبان، بل العز في مواجهة القوي المنظم المسيطر، وحتى هذا النوع من الأعداء سأقف كالتلميذ أتعلم منه مالم أره من قبل، هذه المنهجية ليست جديدة، ففي التاريخ دلائل على إطلاق الأسير مقابل تعليم القراءة لأبناء المسلمين.

نعود لهتلر، المجرم السفاح الذي علمني صياغة الرسالة الإعلانية بأفضل مما تعلمتها في دراساتي العليا وفي تعاملاتي مع وكالات الإعلان والعروض التسويقية التي وصلتني، كنت أقرأ في بساطة، لايهمني هتلر والحكم عليه، ولكن يهمني التعامل مع التجربة التي مر بها والتعرف على نقاط الالتقاء مع واقعي.. علمني هتلر أن أفرق في المجتمعات، وأن أدرس مكوناتها العرقية والاجتماعية، وأن أتأمل في المثقفين والطبقات، وأن ألتفت للمؤثرات على الكثرة العامية ومواقف القلة المثقفة. فرقت بين المنتجات حين قرات لهتلر، وفرقت بين توجهات المنظمات، ربحية أو غير ربحية، وضعت حدوداً لأعمالها، وعرفت ضرورة الوضوح في التعاقدات ووضع معايير مالية تضمن الاستمرار.

تعلمت منه القيادة.. رأيته في الخنادق والمؤتمرات، يرفض الكلام مع السياسيين، لأنه أفصح منهم قولاً وعملاً.. ورسمت أسرار فصاحته فرأيتها تتمثل في ولائه لأمته، وتحويله كلام الآخرين إلى أفعال.. والتفت لتربيته للجيش ونقلت التجربة لأولادي فعلمتهم الشجاعة والكلمة الصادقة، يمكن نقل كل التجارب، بغض النظر عن مصدرها.

احترمت قوته، عدائه واضح وصريح، لم أغضب منه، ولو كنت حياً وقتها لقاتلته.. ولكنني لن أغدر به، لن أكذب عليه، لن أصفه بما ليس فيه، وحين أقتله سأقف احتراماً له وأسلم جثته إلى أسرته، لن أمثل بها، وسأفخر بقتلي اياه، ولو قتلني سأفخر بأنني قتلت على يد رجل مثله، وسيكون ذكر اسمي قصة أشبه ماتكون بالأسطورة.

موقف هتلر من أعدائه علمني أن عدوي لن يمدحني بعد موتي، فلا أنتظر رضاه عني في حياتي، لذلك أؤمن بضرورة الإيمان بالمبادئ والتعامل بها على أساس التشريع فيها، وليس على أساس قبول المجتمعات لها، لايؤثر في صحة المبدأ قبول المجتمع له، ففي المجتمعات العالمية يقل المسلمين، وفي المجتمعات الإسلامية يقل المؤمنون، ويقل من تمسك بتكاليف الدين، ولم يسلم بشر من معصية.

 

(الصورة بعدسة: عبدالله السعد)

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

3 تعليقات على “أنا وهتلر”

صح فمن الاجدى بنا ان نعلم كيف يفكر عدونا وكيف تعامل مع مجريات احداث قد تمر علينا حتى وان اختلفنا معه فالمنهج فنحن نستقي من تجربته خطوط عريضة نرسمها بما يتناسب مع فكرنا ونهجنا… في نظري بهذا الفكر ممكن ان نبني بعيدا عن التقوقع

بالضبط يا دكتور إيمان..

ولكن توجيه الطاقات يرتبط بالهوية والمنهجية.. كالعطاء تماماً..

فما نراه مدمراً قد لايكون سوى دور طبيعي وتفان في خدمة أمة..

صحيح يا حصة.. وهذا هو الصح في دراسة السنن والاستفادة من التجارب..

سعدت بمروركما..

🙂

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.