التصنيفات
رؤى

التمساح

a

” وبدأت سلسلة روايات تعتمد على التصورات الشخصية في مواجهة النصوص دون أن يستوعب المتحدث موقف “القياس في مواجهة النص” أو حتى الاجتهاد ومعارضة الدليل”

 

هل راقبت التماسيح وهي تصيد وقت هجرة الحيوانات؟

تضطر الحيوانات أن تعبر النهر حين يتربص بها الموت. فكٌ هائل يقتل بلا حاجة، ولا تمييز، المهم الحصاد والعودة لاحقاً للفريسة.

كمّ الحيوانات المقتولة سيفوق الحاجة ويملأ النهر برائحة الموت ولون الدم، هذه ببساطة فرصة التمساح لحصد مئونته قبل أن تصعب الأمور عليه وتعود الحيوانات إلى ديارها.

كان قرار العودة للرياضة والتعامل الجاد مع وزني الزائد من أجمل قرارتي التي وفقني الله إليها، وبعد ظهور النتائج بدأ الأمر يأخذ شكلاً أعمق من حيث الإرداة والتصميم، ولكن الشيء الأكثر ظهوراً في الفكرة هو أن مايحدث في أجسامنا يشابه تماماً مايحدث في عقولنا وفي مكاتبنا وبيوتنا.

الكميات التي نستهلكها من الأطعمة والأفكار والعادات والسلوكيات تصيب بالتخمة دون أن يكون لها مردودٌ غذائيٌّ سليمٌ، وبعد فترة تبدأ أعراض أمراض يؤدي بعضها إلى الموت بسبب المواد الحافظة وسوء التخزين والإفراط في الاستهلاك. القصة تشبه ماتفعله التماسيح في موسم الصيد السابق ذكره، حيث التكديس بلا تمييز ولا حاجة بل ولا رغبة أحياناً، بل إفراط في ممارسات تحركها الغريزة.

مصادر الثقافة مشبوهة تماماً كالأطعمة المكشوفة لدى باعة مجهولين لم يتقيدوا بأصول السلامة، فلماذا ننتبه لبائع متجول يحاول كسب رزقه بينما نسمح لكل صوت بنشر أفكار وشبه في الدين وشائعات تكذب في كثير من حالاتها ولاتعتمد على أصل خبر من الأساس.

لماذا الاهتمام بالتقنين وكميات الأكل، بينما يغيب تقنين المعلومة والاهتمام بالتدرج والوضوح فلابأس من حشو لا يلائم مجتمعنا ولا ديننا ولا مرحلة المتلقي ولا طبيعته، بينما في الطعام نبحث عن جداول السعرات وكميات الأطعمة ومواعيدها ومصادر الغذاء الصحي.

لماذا نرجع إلى الخبراء في التغذية ونسأل عن كل معلومة ونهتم لكل كلمة يقولونها، بينما نسأل في الشريعة كل إنسان لنأخذ فتوى مشوهة لم تبن على نص شرعي ولم يستنبطها من عرف بالعلم والفضل، وبدلاً من عبارة “حدثنا” ظهرت كلمة “أنا أرى”، “في تصوري” وغيرها من الكلمات، وبدأت سلسلة روايات تعتمد على التصورات الشخصية في مواجهة النصوص دون أن يستوعب المتحدث موقف “القياس في مواجهة النص” أو حتى الاجتهاد ومعارضة الدليل.

لماذا تهتم الأسرة ببرنامجها الغذائي فيسعى الوالدان لمصادر الغذاء، ويرتبط الأبناء بالنادي، ويقاس الوزن في كل يوم لمعرفة النتائج، بينما لايوجد خطة تربوية علمية لطفل يراقب لهاث أبيه على سير الرياضة أو يراقب أمه وهو تشد بطنها وتقف تراقب مؤشر الميزان.

مايحدث في الحياة يهزنا ويذكرنا بحقائق نغفل عنها، فنتكلم في غير التخصص دون أن نرجع الأمر لأهله، وتختلط أولوياتنا فنفقد الكثير من الوقت والجهد، ونبتعد عن أصولنا حتى نكان ننتسب لأماكن أخرى ولانعرف من جذورنا غير اسم تثبته بطاقة هوية.

ذات الأمر يتكرر في المعلومات الإدارية وطبيعة المهام، فلا تأصيل صحيح ولا مصادر ولا معايير، ولا نتوقع بالتالي تجارب متقدمة ومتدرب نموذجي وخبرة مهنية. ونحتاج إلى إعادة النظر في المعطيات والأولويات ووضع المعايير التي تقنن العمليات والجودة، فلا نقبل معلومة إلا من مصدرها، ونرجع الأمور لذوي الاختصاص المعتمدين لا ذوي المؤهلات فقط. ووقتها فقط سنرى كيف سنفقد الكثير من العوالق الزائدة والسموم التي أكلت أجسادنا وعقولنا وأفكارنا حتى لم نعد نعرف كيف كنا. ووقتها فقط لن نكون تماسيح قاتلة، بل كائنات راقية تستحق أن يطلق عليها اسم “الإنسان”.

 

الصورة من موقع: http://all-free-download.com

Creative Commons License
كتاب آت by Abdullah Ali is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.
Permissions beyond the scope of this license may be available at www.aalsaad.com

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.