التصنيفات
رسائل إلى نفسي

ثمار التجارب

ثمار التجارب

03/08/2012م

المنزل (الصالة).. الساعة 04:30 فجراً

الروعة في الكتابة تظهر في أمرين:

  • الفكرة.
  • القدرة على الصياغة.

مانحاول أن نقوم به هو ترجمة تجربة عشناها.. نروي بالمداد قصة الدمع الذي جادت به عيوننا في وقت ما.. تجود قرائحنا نبضاً يكافئ دماً وعرقاً رأيناه في حياتنا.. في كل همسة قصة.. كل المشاعر تغلفها الكلمات.. يشعر بها من مر بالمواقف نفسها.. ستخنقه الرطوبة.. ويبكيه الرحيل.. ويضحكه الموقف.. فقط القلوب التي عاشت ستشعر بالكلمة كائناً حياً يعانقها.

كتبت سابقاً عن الكلمات ثلاثية الأبعاد، نشعر بالكلمات احيانا كالشيء الواقعي يحيط بنا، حين أرى منظراً طبيعياً لغابة فإنني أشم رائحتها، أسمع صوت الأوراق الصفراء تحت قدمي، وأشعر بحركة الأشجار وانتقال الظل من منطقة لأخرى متتبعاً الشمس، وحين أرى صورة نهر أسمع صوته، وتخنقني الرطوبة أحياناً، وأجري فيبتل حذائي المضاد للماء، وحين أرى الطبيعة الخضراء ألمس كتفي ورقبتي أتحسس مكان قرصة ذبابة الخيل، وأشعر بالنبات القارص على جانبي القناة فاحك يدي وأرفعها تفادياً لملمسه.

الكلمات الحية هي نتاج تجربة حية، السقوط سيجعلنا نلامس ركبة تسلخت، ونتفقد بنطال ممزق في موضع الألم، وننفض الغبار، ثم بعد قليل نبدأ نعرج، ومع الأيام سنرى اسوداد الجرح وبداية تقشره واللون الوردي في بعض مواضعه نتيجة اثارتها.

في الحياة سندون الكثير، سيكون من السهل تدوين الوصف الحي للمكان، وقد يرسم الفنان بريشته صورة الزمان، ولكن سيكون من الصعب أن ننقل مشاعرنا ليعشيها الآخرون، أن يبكي القارئ لأنه قرأ قصة بكى صاحبها وقت تدوينها، وأن يتخيل ضحكة جريح لأنه سمع تعليقاً حوله يحاول أن ينسيه همومه.

هكذا هي الكلمة الحية، تستمد حياتها من حياة قائلها، من روح سامعها، من ذكريات أصحابها، في داخلي مساحات ظل خاصة لقصص وأحداث، لازالت ملونة برغم قدم أحداثها، لم يلوثها شيء لأنها لم تفتح لغيرهم، لاتنتظر وصولهم فمن رحل لن يعود، ولكن تنتظر رحيل من بقي لتغلق، أو ليكون لها راوٍ مبدع لايلجمه الخوف، ولا تغيره الأحداث.

الكلمة ثلاثية الأبعاد، مساحات الظل، كلها نتاج تجارب الحياة، نبتسم حين نمر عليها، قد لايلمح من حولنا الابتسامة، ونادراً مايرون دمعة نذرفها شوقاً وحنيناً ووفاءً.. نسطرها في رسالة كهذه، لمن؟! لأنفسنا، لذواتنا المتعبة الجريحة، لقلوبنا الكسيرة، لأعماقنا الممزقة، ونظل نرجوا أن نرى في لحظة، خروج أرواحنا وهي طاهرة.

الصورة من موقع web-veistamo

 

رخصة المشاع الابداعي
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نسب المصنف – غير تجاري 4.0 دولي.

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.