التصنيفات
تربويات

الأمل القاتل

998395_10151679727293921_1551515174_n

 لأنني إنسان منطقي فأنا غالباً أحكم على الشيء من خلال المعطيات، وأتبنى كثيراً ضرورة وجود معايير يمكن التعامل معها في الأفعال.

حيت أقرأ كتاباً يعجبني فغالباً سأبحث عن الكاتب، سأقرأ سيرته الذاتية، أحلل فكره من خلال مجموعة أطروحات وكتب وكتابات أخرى في نفس المجال أو غيره، المهم أنني سأقرأ الإنسان. ثم أضع الكلام في المواضع الصحيحة كما يظهر لي.

ربما أقرأ كلام ناقد، ولكن الناقد لن يؤثر على نظرتي للكاتب أو للكتاب، كذلك التأثير الذي سيقع في نفسي من فهمي وتحليلي للمواقف، ومن خلال بحثي عن المؤلف ومراحل من حياته الشخصية والأكاديمية والمهنية.

أضع هذه المقدمة من أجل الإشارة لفكرة أشار إليها هتلر في كتاب “كفاحي”، فالكتاب يعجبني في مجمله، وفي كثير من تفصيلاته. ولا يخلو من أمور أرفضها، ولكن لن تعيقني عن التعامل مع الكتاب والاستفادة منه.

الفكرة تتعلق بالأمل.. وكيف أن الأمل قضى على الكثير من الألمان، حين كان عدوهم يأتي ليأخذ بعضهم من المعسكرات ويدرك الباقون أن أولئك سيذهبون للموت، ومع ذلك سيبقون في أماكنهم دون مقاومة على أمل أن يحدث شي يحررهم من عدوهم، كالعفو، أو كقوة صديقة تنقذهم.

ومفهوم الأمل يرتبط بالرجاء، ولكن تعبير الأمل على الوجه لن يدركه الإنسان مالم يره في نفسه أو في المحيطين حوله.

يكون الموت صعباً حين يستخدم الأمل.. لأنك تعيش كل مراحل العذاب، وتتوقع شيئاً يغير الوضع، وتظل تنتقل من مرحلة لأخرى تصبر نفسك، حتى تسقط ميتاً أو تقع في عذاب آخر يلعب بأوتار الأمل.

يكون الأمل قاتلاً إذا لم يتحقق، فالشهيق في صدرك في انتظار الانفجار بضحكة انتصار، قد يعود على قلبك فيقتله تشبعاً بالحسرة. قبضتك التي تشدها لترفع يديك بالنصر ستستمر في الضغط حتى يتدفق الدم هماً وكمداً.

مالم يتحقق الأمل فستظل الدمعة في المحاجر تغالب ألماً، تنتظر الابتسام.. ويموت الإنسان وعينه مبللة بدموع تبكي صاحبها، وتأمل أن تكون دموع فرح.

حين ترى المعلق بالأمل ستعرفه بقليل من التدريب، فإذا كان ساهياً هادئاً، فتأكد أنه يقدم من نفسه مخاطراً بكل شي. العمر، المال، الوقت، الصحة، الذكريات، وحتى الحاجات الأساسية سيبدأ في دفعها لمن حوله وكله أمل أن يحقق من خلالها النجاح.

سيمسك بالهاتف في حزن ليرد على مكالمة يعلم أنها تطلب منه، ولكن يتعلق بالأمل في أن تكون خبراً يعطيه.

سيمسح شعر رأسه ويراقب السقف دون أن يرى شيئاً فيه، غير طيف ذكريات يبتسم له ليربطه بالأمل.

سيمشي وهو مطأطئ يتذكر وقلبه ينبض بعنف بين جنبيه، ويغالب دمعة يشعر بالغربة بسببها، دون أن يجد سبيلاً لدفعها.

حتى الأمل قد يكون سلاحاً للدمار، ولكننا مع الأسف لايمكن أن نسغتني عنه.

 

(الصورة بعدسة: عبدالله السعد)